سياسة الاغتيالات.. سيف الجبناء في مواجهة إرادة التحرر..بقلم عمر ضمرة
الدرب نيوز- عمر ضمرة-
لطالما ظن الكيان الصهيوني أن اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية والايرانية، هو المفتاح لإنهاء الكفاح المسلح، والنضال، وإسكات صوت الحرية، وإخفاء نهج المقاومة، ويغفلون عن أن الإغتيالات لا تقتل الفكرة، والموت لا يمحو الحلم.
ولكنهم غافلون عن حقيقة مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية واللبنانية، على وجه الخصوص، لا تنبع من شخص أو فرد، ولا تستمد قوتها وعنفوانها من القادة، “رغم أهمية هؤلاء القادة وسمات القيادة البارزة والكاريزما العالية التي يتمتعون بها”، بل إن قوة المقاومة تنبثق من نبع الأفكار والقيم والمبادئ التي تتغلغل في وجدان وعقول المنتمين لحركات المقاومة النبيلة.
من الواضح أن أجهزة الاستخبارات والمخابرات الدولية، وظفت كامل قوتها وخبرتها والتكنولوجيا الحديثة التي تمتلكها، لصالح الكيان الصهيوني، وجهاز الموساد القذر.
فمن يعتقد أن المقاومة الفلسطينية واللبنانية تواجه الكيان الصهيوني لوحده، في معركة التحرر والنضال، فهو واهم، و ليراجع قواه العقلية، وهو شبيه بمن يعتقد بأن روسيا تحارب أوكرانيا لوحدها، ولا يقف وراءها حلف “الناتو” الذي يمدها بالمال والعتاد العسكري لاستنزاف روسيا واضعافها. إننا واثقون أن سياسة الاغتيالات التي ينتهجها الصهاينة هي سياسة فاشلة بامتياز، لأنها تظن أن قتل قائد يعني انطفاء جذوة النضال والكفاح المسلح، ولكن التاريخ يروي حكاية مختلفة.
فقد عمد الكيان الصهيوني لاغتيال القائد الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ويحيى عياش، وعماد مغنية، وقاسم سليماني، وفؤاد شكر، واسماعيل هنية، وقادة فرقة الرضوان في حزب الله، وذلك على سبيل المثال، لا الحصر.
فهل انتهت المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية؟ وهل توقف الدعم الإيراني بالمال والسلاح والتكتيك العسكري لهذه الحركات النضالية؟ طبعًا لا. فإن القتل لا يقتل الفكرة، والموت لا يمحو الحلم.
ان التاريخ يثبت لنا، أن حركات التحرر الوطني ليست مملوكة لشخص، ولا مرهونة ببقائه على قيد الحياة، ولا تنطفئ باغتياله، فهي حركة فكرية ونهج مقاوم متجذر، يغذيه إيمان راسخ قوي لا يتزعزع، بأن الحرية هي الهدف الأسمى والقدر الذي لا مفر منه، وأن الاستمرار على هذا الطريق النضالي هو نهج له صفة الإستمرارية، حتى زوال الاحتلال.
لقد علمنا التاريخ، أنه كلما غاب قائد، ولد قادة جدد من رحم الميدان، أشرس وأقوى ويمتعون بكاريزما قيادية تفوق من سبقهم، لأنهم خريجو معارك التحرير، تحت دوي الرصاص وقصف المدافع وصواريخ الطائرات، وهم خريجو سجون ومعسكرات اعتقال الشرف والعز والبطولة، لا الأكاديميات العسكرية، التي يتلقون فيها الدروس العسكرية على ورق التنظير، وهم يرتدون بزاتهم العسكرية، و يرتشفون القهوة.
إن قادة المقاومة وحركات التحرر الوطني، هم أبطال صنعوا من دمائهم جسورًا من العزيمة، ومن جراحهم رايات نصر ترفرف فوق أنقاض الكيان الصهيوني، هذا الكيان الذي صنعه الغرب المستعمر، ليكون اداته في تنفيذ العمليات القذرة، وتفتيت العالم العربي، وبث النزاعات، وخلق جماعات التكفير، مثل الدواعش والنصرة،ونشرهم في الدول العربية، ليعيثوا فيها خرابًا وفسادًا، وتشويهًا لصورة الإسلام الحقيقي.
إن الكيان الصهيوني واهم ،إن ظن أن القادة يولدون من قاعات التدريس في معسكراته، فالقادة الحقيقيون هم من صنعوا من آلام شعوبهم ودماء أحبائهم أسلحة لا تنكسر، هم من صمدوا في وجه الرصاص والعذابات ليصبحوا رموزًا للحرية والاستقلال، فبعد الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي جاءهم من يقض مضاجعهم، جاءهم محمد الضيف ويحيى السنوار ومحمد السنوار، وغيرهم من القادة الذين لا نعرفهم، يصولون ويجولون في ميادين الشرف والعز والبطولة.
إننا على ثقة تامة، بأن روح أي حركة تحررية، لم ولنتخمد، باغتيال قادتها، إذ لقد أثبتت الشعوب الظامئة للتحرر أن الرصاص الذي يسقط قائداً يولد عشرات القادة، وأن كل محاولة اغتيال هي خطوة أخرى نحو الحرية، فهل ضعفت وانتهت المقاومة الليبية بعد شنق واستشهاد القائد الفذ عمر المختار، على أيدي المستعمرين الإيطاليين؟! بالطبع،لا. بل استمر النضال حتى رحيلهم عن أرض ليبيا.
وفي التاريخ عديد من الأمثلة التي تؤكد استمرار نهج المقاومة.فليستمر الكيان الصهيوني في سياساته البائسة، و يعتقد أن سياسة الاغتيالات هو السبيل، لكن الشعوب الحرة، والمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ستظل ترفع لواء المقاومة، والكفاح المسلح، وستظل تسير نحو حريتها، مهما كثرت الجراح وعظمت التضحيات.
ولا يسعنا إلا أن نتمنى السلامة، لسماحة السيد حسن نصر الله، و لكل قائد ومقاوم في ميادين العز والشرف والكفاح والنضال والبطولة ضد الكيان الصهيوني، حتى زواله بإذن الله تعالى، فإن القتل لا يقتل الفكرة، والموت لا يمحو الحلم.