اخبار عالميةاخبار عربيةالأخبار الرئيسيةالمقالات

المصالحة التركية-السورية: مرحلة جديدة من التحولات الجيوسياسية

الدرب نيوز- عمر ضمرة-

 بعد أكثر من عقد من الصراع الدموي والتوترات الإقليمية، يبدو أن سوريا على مشارف مرحلة جديدة من التحولات الجيوسياسية التي قد تساهم في إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة. التطورات الأخيرة تشير إلى أن هناك تغيرات سياسية وعسكرية قد تعيد تشكيل تحالفات إقليمية ودولية بشكل جوهري.

في تطور لافت، أكد وزير دفاع النظام التركي في تصريحات صحفية مؤخراً أن “الجيش السوري الحر” (أو ما يعرف بالجيش الوطني السوري) المدعوم من تركيا سيتم ضمه إلى الجيش السوري في المستقبل. هذا التصريح يعد تحولًا مهمًا في السياسة التركية تجاه سوريا، خاصة في ضوء سنوات من الدعم التركي للمعارضة السورية المسلحة.

منذ اندلاع النزاع في سوريا، كانت تركيا في صف المعارضة للنظام السوري، لكن مع مرور الوقت، تزايدت الضغوط الجيوسياسية على أنقرة. أصبح من الواضح أن تركيا، التي كانت تأمل في إسقاط نظام بشار الأسد، تجد نفسها الآن أمام تحديات جديدة، لا سيما في مواجهة التصعيد العسكري في شمال سوريا، والصعوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها الأزمة. هذه التصريحات تشير إلى أن “خليفة المسلمين السني أردوغان، قدس الله سره”، قد بدأ يعيد تقييم علاقاته مع دمشق ويبحث عن طريقة لطي صفحة الماضي في سبيل الحفاظ على مصالح تركيا الاستراتيجية في المنطقة.

إشارة إلى المصالحة، فقد كان أردوغان قد صرح، في خضم اندلاع الأحداث الدامية في الأراضي السورية، بأنه سيصلي في المسجد الأموي بدمشق، فيما ربط العديد من المراقبين، تصريح وزير الدفاع التركي، بنية تركيا في إعادة ضبط علاقاتها مع سوريا في المستقبل. هذه التصريحات والتطورات تفتح الباب أمام آفاق جديدة من التعاون بين أنقرة ودمشق، في حال تمكن الطرفان من تجاوز العقبات السياسية السابقة.

وبينما تسعى تركيا إلى توجيه رسائل إيجابية نحو دمشق لتحقيق مصالحها السياسية، تبقى إيران على موقفها الداعم للدولة السورية و لنظام بشار الأسد.

ففي زيارة وصفت بأنها ذات أهمية استراتيجية على الصعيدين السياسي والعسكري، وصل اليوم الخميس إلى دمشق علي لاريجاني، كبير مستشاري الإمام خامنئي. إذ تأتي هذه الزيارة  في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين سوريا وإيران في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، لا سيما بعد الضغوط الأمريكية والغربية على محور المقاومة، الذي يتصدى للعدوان الصهيوني في المنطقة.

وتعكس هذه الزيارة استمرار إيران في دعم الدولة السورية وعلى رأسها بشار الأسد، في وقت تتزايد فيه الضغوط لإضعاف نفوذها في سوريا. حيث تسعى طهران إلى تعزيز تواجدها في منطقة المشرق العربي، سواء في سوريا أو لبنان، خاصة مع تصاعد الحديث عن استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز نفوذ محور المقاومة في مواجهة التهديدات الصهيونية والغربية.

ومن المتوقع أن يتوجه لاريجاني إلى بيروت، يوم غد الجمعة، في خطوة تعكس التنسيق المستمر بين دمشق وطهران وحزب الله اللبناني.

تشير هذه التحولات إلى أن المنطقة قد تكون على موعد مع مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي، رغم التحديات التي لا تزال قائمة. ففي وقت يتوقع أن تشهد فيه العلاقات السورية-التركية تحولًا نحو المصالحة، تواصل دمشق تعزيز تحالفاتها مع طهران ودعم حزب الله، مما يخلق توازنات جديدة في موازين القوى الإقليمية.

إن ما نراه اليوم من تحولات، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، يظهر أن سوريا على وشك الدخول في مرحلة جديدة من تاريخها، مرحلة قد تكون مفصلية في تحديد مسارها المستقبلي وفي إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى