اخبار محلية

صُدُور كتابين  جديدين عن الجاحِظ للدُّرُوبيّ

صُدُور كتابين  جديدين عن الجاحِظ للدُّرُوبيّ

          يتابع الدكتور محمَّد الدُّرُوبِيّ، أُستاذ الأَدب والتراث بجامعة آل البيت، مشروعه التراثي في الكتابة عن الجاحظ، والاعتناء بتحقيق ما هو جديد من تراثه الأَدبي والفكري، وتقديم لون من الدراسات التوثيقية (الببليوغرافية) النقدية الرصينة. وقد تسنى للبحّاثة الدُّرُوبيّ منذ انطلاقة مشروعه الجاحظيّ قبل ثلاثين عاماً إِلى اليوم نشرزُهاء عشرة كتب وتحقيقات وأَبحاث مُعقمة عن الجاحظ وموروثه العلمي، مما جعل منه باحثاً متمكناً ذا اختصاص وافٍ بالدراسات الجاحظيَّة، فهو يُذكرنا بالأَعلام المعاصرين الكبار الذين اختصوا بالكتابة عن الجاحظ وإِخراج خبيء تُراثه الثمين، من مثل: عبد السلام هارون، ومحمد طه الحاجريّ، وداود سلوم، ووديعة طه النَّجم، ومحمد مشبال، وشارل بِلا، وغيرهم من الجاحظيين.

تنماز مُباحثة الدُّرُوبيّ للجاحظ بدقتها العالية، واستكناها الجديد، مع اعتناء وافر باللُّغة، ويبدو أَن الجاحظ ترك أَثره في أَكثر الباحثين الذين راموا الكتابة عنه، ومنهم الدكتور الدُّرُوبيّ الذين بدأ مسيرته مع الجاحظ في حلقة الماجستير، وتابع بعد ذلك كتاباته النقدية عن الجاحظ، ونشر ما أَبقته الأَيام من موروثه الخطيّ.

          وفي سياق هذه العناية المتصلة، صدر للدكتور الدُّرُوبيّ- مؤخراً- كتابان قيمان جديدان عن الجاحظ وتراثه، حمل الكتاب الأَولعُنوان الجاحظ: تصالُح الأَضداد وتضايُف الأَنداد،وهو من منشورات دار خطُوط وظلال، في عمّان، بدعم من جامعة آل البيت، وقدَّم له وزير الثَّقافة الأَسبق الدكتور صلاح جرّار، ويقع الكتاب في (162) صفحة. فيما حمل الكتاب الثاني عُنوانثَبَت أَبي عُثمان عَمْرو بن بَحْرٍ الجاحظ، وهو من منشورات دار ملامح، في الشارقة، ويقع في (352) صفحة.

يتضمن الكتاب الأَول دراسات معقمة، كشفت عن الجاحظ في جوانبه غير المطروقة من قبل، ووضعته على مائدة البحث من جديد، بمنهج علمي نقدي صارم. وجاء الكتاب في ثلاثة فصول، تناول أَولها موقف الجاحظ من الثَّقافات الأَجنبيَّة الوافدة، واختص الفصل الثاني بمناقشة التهم العلميَّة التي وجِّهت إِلى الجاحظ، وعرض الفصل الثالث مشهد نهاية الجاحظ، ساعياً إِلى ردم أُسطُورة سُقُوط الكتب على الجاحظ وموته تحت أَكداس مكتبته، وهي المقولة الفاشية التي لا تستند إِلى وثائق نصيَّة ثابتة، كما يؤكد الدُّرُوبيّ بعد طول بحث وفتشٍ في مظان التراث وأَخبار الجاحظ وتراجمه.

وخلص المؤلف إِلى أن الجاحظ هو أَحد الأَعلام الكبار الرُّواد في مسيرة الحضارة العربيَّة الإِسلاميَّة، وأَنه بما قدَّم من تآليف نفيسة، وسُهمة علميَّة مبكرة، وبما وضعه من أَنظار غير مسبوقة في مجالات الأَدب واللغة والفكر والحضارة والسياسة والاجتماع والفلسفة والعلوم التَّجريبيَّة، يندرج في سلك أَهل التأسيس المكين في حضارتنا، وأَن من واجب الباحثين تقديم هذه الشَّخصيَّة العلميَّة السامقة تقديماً منهجياً دقيقاً، وعلى بساط من الموضُوعيَّة والحَيْدَة العلميَّة، تُستوفى على أساسه الصورة المأمولة، وتُستبان الحقائق الجديدة عن منهج الجاحظ ومواقفه وأَنظاره ومسيرة حياته وعطاءاته الملونة.

          يؤكد الدكتور جرّار في مُقدِّمته للكتاب أَن المؤلفالدُّرُوبيّ لم يكتفِ بتقديم الصُّورة الناصعة للجاحظ، وتصحيح بعض ما شاع عنه من أَغاليط وأَوهام، بل التزم إِلى جانب ذلك- منهجاً علميّاً دقيقاً، اعتمد فيه فحص الأَخبار وغربلتها، وكشف تناقُضاتها، ورد كل تهمة واجهها الجاحظ المُفكِّر إِلى بواعثها الحقيقيَّة، مع الاعتماد على الاستشهاد بالأَدلة والحجج القاطعة.

          وبين الدكتور جرّار أَنّ هذا الكتاب ذو قدر عظيم، وفوائد جمَّة، ومعارف أَصيلة، وموثوقيَّة سامية، وهو حصيلة معرفة علميَّة بالجاحظ وسيرته وآثاره وأَخباره، وسائر تفاصيل حياته، وهو خلاصة تأملات مستبصرة، ونظرات عميقة، ووقفات مستأنية، ومطالعات مستمرة، وقراءات واسعة، ومتابعات متواصلة، وحفر واثق في الأَعماق.

          ويسعى الكتاب الثّاني، وهو دراسة توثيقيَّة نقديَّة ضافية، إِلى تقديم تصور دقيق عن تاريخ العناية بنشر تُراث الجاحظ، في البلدان العربيَّة والإِسلاميَّة والأَجنبيَّة، منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى تاريخه. كما يدرس الباحث جهود المعاصرين في تعقب تراث الجاحظ وإِحصائه.ثم يقدم الباحث كشافاً توثيقيّاً(ببليوغرافياً) مُنظّماً، بما نُشر في العصر الحديث من الموروث الجاحظ، بإِحصاء طبعاته وتوثيقها، وإِثبات سائر بياناتها، وتعيين النشرات العلميَّة المُعتمدة، والإِبانة عما هو منحُول على الجاحظ عمداً، أَو ما هو منسُوب إِليه خطأ.

وخلص المؤلف إِلى إِحصاء أَكثر من (1700) نشرة علميَّة وغير علميَّة للموروث الجاحظيّ؛ مؤكداً أَن الجاحظ من أَكثر المؤلفين العرب الذين حظي تُراثهم بالنشر في راهن العصر.

 

وأَكد الدكتور الدُّرُوبِيّ أَن مشروع الكتابة عن الجاحظ ما زال مستمراً، وأَن حلقات جديدة مهمة ستظهر قريباً، بإِذن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى