اخبار عالميةاخبار عربيةالأخبار الرئيسيةالمقالات

الجولاني… اختبار مصري وشكوك حول الأجندة الحقيقية..بقلم عمر ضمرة

عمر ضمرة-

في مشهد يلفه الغموض السياسي وتتصاعد فيه الأحداث بوتيرة متسارعة، وجهت مصر طلبًا إلى أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، قائمة بأسماء السلفيين المصريين المنضوين تحت راية الهيئة والجيش السوري الحر منذ عام 2011.

 خطوة مصرية تحمل في طياتها الكثير من الرسائل، فهي ليست مجرد طلب عادي، بل اختبار صريح لنوايا الجولاني تجاه الإرهاب. هل سيكون التعاون دليلاً على رغبته في إنهاء دوامة الإرهاب، أم أن أجندته تُضمر استخدام هؤلاء كوقود لمزيد من الفوضى؟

في ظل هذا المشهد المتشابك، يظل السؤال الملح: هل يستطيع الجولاني اجتياز الاختبار المصري؟ أم أن الفوضى ستبقى العنوان الأبرز في سوريا، حيث تتقاطع الأجندات الدولية والإقليمية على حساب استقرار المنطقة؟

 منذ اندلاع الحرب السورية، تحولت البلاد إلى ملاذ للمرتزقة والإرهابيين الذين تقاطروا من كل أصقاع الأرض، مدعومين بشبكات تنظيمية وأجندات دولية. مصر، التي تملك سجلًا موثقًا للعناصر الإرهابية التي خرجت للقتال في سوريا وليبيا، تدرك خطورة هذه التحركات.

 لكن التساؤل الأبرز يظل: لماذا تبقى الأراضي السورية مفتوحة أمام الغزاة، بينما دبابات الاحتلال الصهيوني تجوب جنوبها دون أن تواجه مقاومة من أولئك الذين يدّعون حراسة الدين وتطبيق الشريعة؟

في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر الداخلي في سوريا، تتجلى حقيقة مرة: البلاد ممزقة بين احتلالات مقنعة، إذ أن أمريكا تسيطر على شرقها، وإسرائيل ترسخ وجودها جنوبًا، وتركيا تحكم قبضتها على الشمال.

وبينما تغرق المنطقة في الفوضى، تستفيد الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، من بيع النفط والغاز السوري بأبخس الأسعار، فضلًا عن تعزيز أجندتها الاقتصادية بتمرير الغاز القطري إلى أوروبا، ضمن خططها لإضعاف روسيا اقتصاديًا منذ 2011.

 على الأرض، بدأ السوريون يواجهون واقعًا قاسيًا، ففي حمص، طرطوس، دمشق، واللاذقية، اندلعت مظاهرات احتجاجًا على السياسات المتشددة التي تفرضها الهيئة. قتل متظاهر في حمص، فيما يتنامى الخوف بين المدنيين من تطبيق قوانين صارمة تقيّد الحريات. هذا الواقع المأزوم يعيد إلى الأذهان شكوك النخبة السورية والطبقة الواعية سياسيًا، الذين يرون أن الفوضى الحالية تغذي المصالح الغربية أكثر مما تخدم استقرار البلاد.

الجاسوسية بين الماضي والحاضر

أبو محمد الجولاني الذي ظهر اسمه عام 2012 أسس تنظيم القاعدة في الشام وبايع أيمن الظواهري وتم بعدها استقبال آلاف العناصر السلفية من كافة أصقاع الأرض، من خلال  التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، كما حصل في مشهد أفغانستان، حيث تم تكليف تنظيم الاخوان المسلمين بهذه المهمة وتوفير الدعم لما يسمى بالمجاهدين في أفغانستان للقتال بالوكالة عن أمريكا.

فأبو محمد الجولاني تم سجنه مع أبو بكر البغدادي في العراق لمدة خمس سنوات، ولماذا أفرجت عنه امريكا بعد ذلك؟!. وتشير المصادر إلى أن عام 2014 تم عقد اجتماع لنحو 45 قيادة إسلامية في إدلب وتم تصفيتهم وإنهاء ما يسمى حركة أحرار الشام الاسلامية. وبذلك تم تمهيد الطريق أمام الجولاني، ولا ننسى أن النصرة خرجت من رحم داعش وداعش خرجت من رحم القاعدة.

 وقد صرح ترامب عام 2016 بأن الديمقراطيين هم من صنعوا داعش، وهو الذي أرسل الأمريكان لقتالهم وقضى على داعش، من خلال توظيف جبهة النصرة لمحاربتهم..

 وفي مقابلة الجولاني مع أحمد منصور، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في قناة الجزيرة القطرية عام 2015، أعلن الجولاني انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، وأن هدف جبهة النصرة تحرير الدول العربية من الجيوش، حيث إن تنظيم الإخوان المسلمين شكل منذ تأسيسه ميليشيات إرهابية اعتمادًا على فكر مؤسسهم حسن البنا .
الشكوك حول الجولاني لا تتوقف عند نواياه السياسية، بل تطال هويته ذاتها، فالتاريخ مليء بأمثلة على شخصيات انتحلت أسماءً لتخدم أجندات مخابراتية. من الجاسوس الشهير إيلي كوهين إلى “أبو حفص” في ليبيا، تتكرر الحكايات التي تسلط الضوء على سهولة استغلال الشخصيات لتحقيق مآرب خفية.

وهناك شكوك تدور حول أصل اسم الجولاني، حيث إن المفكر حسين الشرع الذي ادعى الجولاني أنه ابنه، تبين أنه تم اغتياله، أو مفقود منذ سنوات عديدة، وهناك أقاويل بأنه انتحل اسمه وشخصيته.

 وهناك أمثلة تؤيد هذه الفرضية، حيث إن ما كان يسمى أبو حفص الجهادي الاسلامي في ليبيا، تبين بأنه مجرد جاسوس زرعه جهاز الموساد، حيث كان خطيبًا في ليبيا لمدة خمس سنوات، واسمه الحقيقي هو بنيامين ابرايم، وذلك في إطار برنامج تجسس يقوم به جهاز الموساد لاستهداف الدول التي تريد زعزعة الاستقرار فيها.

 ولا ننسى الجاسوس الشهير الياهو كوهين أو إيلي كوهين اليهودي المصري من أصل سوري، الذي جنده الموساد وأرسله للأرجنتين، وانتحل اسم شخصية سورية باسم “كامل أمين ثابت” عام 1962، وتسلل لحزب البعث السوري وشارك في ثورة حزب البعث عام 1963.

 وأصبح بعد ذلك مستشارًا لوزير الدفاع، وكان أحد مرشحي الوزارة، لولا أن كشف هويته المصري رفعت الجمال “رأفت الهجان”، بعد أن شاهد صورة له في مجلة عربية في روما، وتذكر أنه رآه في تل أبيب قبل سفره إلى الأرجنتين.

 فقام على الفور بابلاغ المخابرات المصرية التي أبلغت بدورها المخابرات السورية، وتم اعدامه شنقًا عام 1965.

وبالتالي من السهل جدًا انتحال اسم وشخصية ما وترويجها اعلاميًا من أجل تحقيق مآرب اجهزة المخابرات التي توظف هذا الشخص .

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى