اخبار محلية

ليس هكذا تدار وزارة الصحة

الدرب نيوز-خاص-

 رغم ان هناك استثناءً من قبل رئاسة الوزراء للتمديد للأطباء الاختصاصيين ، فان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري قام باحالة بعض أطباء اختصاص الوبائيات الى التقاعد .
ان وزارة الصحة تعتبر وزارة خدمات بامتياز ، فلا يجوز أن تدار بعقلية الربح والخسارة الآنية ، كما هو الحال في مديرية التأمين الصحي ، والتي يوجد عليها العديد من الملاحظات .
فلا يعقل أن يتم احالة أطباء اختصاص وبائيات وطب المجتمع في مثل هذه الظروف بالذات ، كون جائحة كورونا لم تنته بعد ، وما زالت تراوح مكانها في أرجاء العالم ، كما أن خطر وباء جدري القردة يعم العالم ويهدد الصحة العامة ، وكذلك الحال فيما يتعلق بالتهاب الكبد غير المعروف السبب ، والذي ظهر مؤخراً في العديد من دول العالم .
ان كل تلك الأخطار سالفة الذكر ، على المستوى العالمي ، بينما الأخطار على المستوى دول الجوار المحيطة بالأردن ، فان وباء الحمى النزفية حصد عشرات الأرواح خلال الأشهر القليلة الماضية في العراق ، وخطر تفشي مرض الكوليرا في محافظة السليمانية في دولة العراق الشقيق المجاور وكذلك حالات الاسهال ، حيث أصابت حالات الاسهال آلاف الحالات في محافظة السليمانية خلال الأسابيع القليلة الماضية ، فضلاً عن كون دول العراق وسوريا وفلسطين من الدول الأكثر اختطاراً للأوبئة بسبب النزاعات والحروب .
أما على الصعيد المحلي ، فان نقص تقديم الخدمات الصحية الأولية ، خلال جائحة كورونا ، بحاجة الى التعويض خلال الفترة القادمة ، فيما يشار الى ظهور فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في احدى المحافظات وتكرار حالات التسمم الغذائي . وبالرغم من كل تلك الأخطار المحدقة بالصحة العامة في الوطن ، الا أنه تم احالة العديد من أطاب الاختصاص في الصحة العامة والوبائيات ، وفي ظل تلك الظروف الآنفة الذكر ، الأمر الذي ينم عن عدم ادراك صانع القرار للأخطار المحدقة خلال الفترة القادمة ، سيما أنه تم استحداث أمانة وادارة للأوبئة في وزارة الصحة وتم تفريغها من أطباء الاختصاص ، في حين أن مدير ادارة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة هو طبيب مختص بالمسالك البولية .
يبدو ان هناك تهميشاً واضحاً لدور رئيس اختصاص طب المجتمع ، فتم التنسيب باحالة الأخصائيين الى التقاعد دون الرجوع لرئيس طب المجتمع بالوزارة ، علماً أنه المسؤول الأول في توزيع أطباء الاختصاص وتقدير احتياجات المديريات والمستشفيات لهذا التخصص المهم . ان الاهتمام بالأمور الادارية داخل وزارة الصحة ، كان على حساب الأمور الفنية ، وذلك تجلى من خلال تعيين أمين عام للأوبئة هو بالأساس أخصائي طب عظام !! ، والأدهى من ذلك أن مدير الأمراض غير السارية هو بالأساس طبيب أسرة !!، ومدير مديرية الأمراض الصدرية وصحة الوافدين ومكافحة مرض السل والصحة المهنية هو بالأساس طبيب أسنان …!! .
كما أن مدير مديرية صحة البيئة هو بالأساس مهندس زراعي ..!! ، وتم شراء خدمات أطباء بعمر 67 عاماً من نفس الاختصاص ولم يعرفوا عن أقسام الوزراة أي شيء ، في حين أن أقسام الصحة المدرسية وصحة المرأة والطفل والبيئة والغذاء وقسم الصحة المهنية والأمراض غير السارية ورقابة الأمراض وقسم الرصد والمطاعيم وقسم الأمراض الصدرية وصحة الوافدين وبنك الدم في كل مديرية صحة ، بحاجة الى أخصائيي طب مجتمع وصحة عامة ، وكذلك الحال في المستشفيات .
كما ان وجود الأخصائيين مطلوبين داخل وزارة الصحة ، بما فيها التخطيط الصحي والاقتصاد الصحي والسياحة العلاجية والعلاقات الدولية ” الاحصاء الطبي ” ، والمنظمات الدولية ، بهدف التدريب والتعليم المستمر ومكافحة الأوبئة ، علماً أن هذه المديريات تخصصية ، وبحاجة الى تخصص الصحة العامة والوبائيات . من الواضح أن وزارة الصحة تدار بعقلية التأمين الصحي ، وتخضع لحسابات الربح والخسارة ، دون الالتفات الى الهدف الأساس للوزارة ، علماً أن بعض الدول المتقدمة خصصت وزارة للرعاية الصحية الأولية ، ولا يمكن خصخصة خدمات الرعاية الصحية الأولية بأي حال من الأحوال ، حيث أن الرعاية الصحية الأولية تعتبر من الواجبات الأساسية للدولة والحكومة تجاه مواطنيها .
أما مبدأ الاحلال الوظيفي ، فيعتبر مطلباً أساسياً ، لكن ليس بالطريقة المتبعة حالياً ، حيث يتم ترك الشباب الجدد المفعمين بالنشاط والحيوية دون قيادة خبيرة ، فالبعض منهم تخرج وحصل على مؤهلاته العلمية أثناء جائحة كورونا ، الأمر الذي يعتبر مؤشراً حقيقياً على نقص الخبرة لدى هؤلاء . ان العالم اليوم يواجه أخطاراً محدقة بالشعوب نتيجة الحروب والنقص في المنتجات الغذائية وزيادة الآفات والأوبئة ، أما على مستوى المنطقة فان خطر وتداعيات النزاعات والحروب يرتفع ، مما يهدد بكوارث بيئية وصحية ، لذلك فان وزارة الصحة بحاجة الى خبرة هؤلاء الأخصائيين في مثل هذه الظروف الدقيقة أكثر من حاجة المنظمات الدولية أو الدول المجاورة .
لذا ، فاننا كأطباء اختصاص ، نهيب بوزير الصحة الدكتور فراس الهواري ، وهو صاحب الخبرة والحنكة في الرعاية الصحية الأولية ، أن يراجع حساباته لما فيه خير الوطن والمواطن ، حيث ان اتخاذ القرارات الراديكالية لايمت للحكمة بشيء ، انما الحكمة والفراسة تكمن في اتخاذ القرارات الصائبة التي تصب في مصلحة خدمة المواطنين والأجيال اللاحقة والحفاظ على الصحة والسلامة العامة ، وعدم الانصياع لما يقدمه البعض للوزير من (نصائح) ، حسب مفاهيمهم وخلفياتهم المهنية ، التي لا ترى الأخطار الملموسة ، ولا ترى حقيقة الأخطار الواقعية التي تحدق بالوطن والمواطن .
بطبيعة الحال ، فان وزير الصحة ، لا يلام على ذلك ، ولكن يتعين عليه النظر للأمور دوماً بنظرة شمولية وعميقة ، وليس بنظرة جزئية أو من زاوية واحدة لا تحيط بكل خلفيات المشهد الطبي والصحي العام ، فاذا استبعدنا هؤلاء الخبراء ” أطباء الاختصاص “، من أجل التوفير في النفقات والاكتفاء بالشباب الجدد ، فاننا سنكون كمن ضحى بالكثير من أجل القليل …!
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى