الصمود واستمرار الدعم أبلغ رد على الإحتلال الصهيوني.. بقلم عمر ضمرة
الدرب نيوز- عمر ضمرة-
في ظل ما يشهده قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن، وحتى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من مجازر واعتداءات واستبداد يمارسه الكيان الصهيوني، دون أي وازع، ولا اعتبار لأية قوانين أو مواثيق دولية، يتردد سؤال من قبل الأنفس المريضة، والذي بات مستفزاً: “أين الرد؟”.
لكنه سؤال يبدو وكأنه يتجاهل الحقائق الماثلة أمامنا، ويغض الطرف عن أبلغ الردود التي لا تحتاج إلى تبرير أو شرح، إذ أن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية والشعب اليمني الحر، بالمال والسلاح، ليس مجرد ردٍ على المجازر، بل هو تعبير عن رفض الظلم والإحتلال، وتجسيد بالغ القوة لمبادىء الإنسانية والعدالة والتحرر، والوقوف إلى جانب الحق ضد منتهكي القيم الإنسانية والمواثيق الدولية.
فالاحتلال الصهيوني الذي يستبيح الأرض الفلسطينية، والأرض العربية، وينتهك الأرواح، ويمارس غطرسته وجبروته، مدعومًا من قبل أمريكا والغرب المتصهين، يتم مواجهته برد حقيقي وشجاع وجريء، يتمثل في تقديم الدعم الكامل والمستمر للمقاومة الفلسطينية، التي استطاعت بفضل هذا الرد تحقيق إنجاز عسكري كبير، من خلال التخطيط والتنفيذ لمعركة “طوفان الأقصى”، التي كانت مفاجأة عسكرية، ولطمة كبرى على جبين الكيان الصهيوني، والتي تستحق أن تدرس في الكليات العسكرية المرموقة في العالم أجمع.
إن المقاومة ” الفلسطينية واللبنانية” على وجه الخصوص، والتي تستمر منذ ما يقارب العام، رغم الحصار، هي في ذاتها الرد الأعظم، الرد على احتلال صهيوني يحاول فرض إرادته بالقوة على دول المنطقة. فحينما لا يركع الشعب للمستعمر، وحينما لا يقبل الرضوخ للإملاءات التي يسعى الاحتلال الصهيوني لغرسها وتكريسها، فاننا نرى في هذا الصمود رسالة واضحة تعبر عن عزيمة لا تقهر، وإرادة لا تلين.
إن المقاومة لا تقتصر على حمل السلاح فقط، بل هي أيضًا فعل إرادة ورفض وصمود يتحدى الغطرسة والجريمة. إن الصمود الشعبي ليس مجرد مقاومة عسكرية، بل هو بيئة حاضنة تتسع في غزة ولبنان، وتتمسك بقيم الكفاح والكرامة، وهذا في ذاته رد عميق على الاحتلال الصهيوني الذي يعتقد أن جبروته يمكن أن يخنق آمال الشعوب.
إن ما يشهده الشعب الفلسطيني المقاوم، والمقاومة اللبنانية واسناد المقاومة اليمنية والعراقية اليوم، هو صفحة من صفحات الصراع الطويل مع كيان صهيوني سرطاني، هو صنيعة للغرب المستعمر، ويحاول أن يكسر إرادة الحرية. ولكن كلما ازداد بطش الاحتلال الصهيوني، يزداد الالتفاف الشعبي حول المقاومة، وهذه البيئة الحاضنة هي الرد الأقوى على جرائم الاحتلال الصهيوني التي تتعارض مع المواثيق الإنسانية والدولية.
ثم يأتي من يسأل: “أين الرد؟”.
لكل من يسأل أين الرد، عليه مراجعة تاريخ الصراع العربي الصهيوني المستمر “الذي يشهد الآن مرحلة مفصلية مهمة”، عليه أن ينظر في وجوه الأطفال الذين يقاومون، هؤلاء الذين سرقت طفولتهم من بين أيديهم وكبروا قبل الأوان. أطفال بعمر الزهور يقفون في وجه الإحتلال الصهيوني، قابضين على جمر المقاومة، بإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين، وتصميم على دحر هذا الظلم، فهم يعيشون ما لا يعيشه الكبار، ويكابدون غطرسة الاحتلال الصهيوني، هذا النبت الشيطاني الذي يتعين معه تضافر جهود شعوب المنطقة لاجتثاثه من جذوره.
إن هؤلاء الأطفال، هم الجيل الذي سيكبر حاملًا في ذاكرته تجارب هذا الصراع المرير. هؤلاء هم أبلغ رد، لأنهم يكبرون على مقاومة الاحتلال الصهيوني، بوعيٍ نقي، يجابهون مجازره وحرب الإبادة الجماعية التي يقترفها، على مسمع ومرأى من العالم، ويقفون أمام القمع، وكافة أشكال البطش، بجرأة وشجاعة عز نظيرها، في تاريخ الشعوب.
أليس هذا هو الرد؟
ألا يعتبر الصمود والتحدي والرفض الواضح لجبروت المحتل الصهيوني، ودعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحقهم، هو الرد الذي ينتظر؟.
إن إرادة الشعوب لا تقاس بحجم الضجيج أو بالصراخ، وإنما بما تختزنه من إرادة وعزيمة وإصرار على الانتصار، ثم نجد من يشكك، ويثير الظنون الآثمة، محاولًا بث الفرقة والاختلاف بين أبناء الشعب الواحد.
إن هؤلاء الذين يسألون عن “الرد”، بين الحين والآخر، وبين ضربة ومجزرة يرتكبها الصهاينة، هنا أو هناك، لا يدركون أن ما يطالبون به هو في الحقيقة لعبة وذريعة للتستر على ضعفهم وتخاذلهم عن نصرة الحق، إذ أنهم يلهثون وراء تفاصيل ثانوية لخلق حالة من الشك غير الحميد، الذي يسعى فقط لنشر الانقسام وإضعاف الدعم للمقاومة.
كفاكم لطمًا وعويلًا وتشكيكًا، فالأولى بكم أن تراجعوا أنفسكم، فأنتم تبحثون عن رد بمقياس ضيق يراعي حساباتكم الخاصة، بينما الرد الذي لا ترونه هو صمود المقاومين وثبات الأحرار، ومواصلة الدعم الإيراني، وعدم توقف جبهات الإسناد التي آلمت الكيان الصهيوني، حيث أن تحقيق أي نصر هو فعل تراكمي، ولا يأت بين ليلة وضحاها.
إن الرد الحقيقي هو في تلك الإرادة التي لا تنكسر، في دعم حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، وفي التمسك بحقوق الشعوب المضطهدة والمحتلة، والدفاع عنها بالقول والفعل.
هذا هو الرد الذي لا يحتاج إلى تبرير أو تفسير، بل يحتاج إلى أن ترفعوا رؤوسكم وتنظروا إليه بعين العدل والإنصاف، وما المجازر والإغتيالات، وحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة، الا رد على الصمود والكفاح المسلح الفلسطيني، واسمرار جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق، ومواصلة الدعم الإيراني لحركات المقاومة بالمنطقة.
إن الدول العربية التي تختار البقاء في مساحة المتفرج، باتت مطالبة بالخروج عن هذا الصمت والانخراط في الفعل المقاوم الفاعل، ليس دفاعًا عن حق الفلسطينيين، وإنما دفاعًا عن مصالحها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والفكرية والثقافية، التي أضحت محل تهديد منذ قيام ما يسمى بدولة الكيان الصهيوني.