بلطجة أمريكية وانتهاك سيادة الدول
الدرب نيوز- عمر ضمرة-
تعتبر حقوق الشعوب واحترام سيادة واستقرار الدول، أحد أهم الأمور الأساسية التي تشكل أساس التطور والتقدم في العالم.
وتمثل هذه الحقوق محورًا رئيسيًا لتحقيق الحرية والعدالة، وهي تشمل إحترام حقوق الشعوب بتقرير مصيرها بالتدبير الذاتي ،دون تبعية،وضمان حق المقاومة ضد الإحتلال وفقاً للقرارات والمواثيق والإتفاقات الدولية والشرعية،إضافة إلى إحترام استقلال القرار، وحق الشعوب في تحديد مستقبلها الإقتصادي والإجتماعي والحفاظ على موروثها وثقافتها .
ان السياسة الأمريكية تحرم الشعوب من أبسط الحقوق الأساسية،وهو حق تقرير مصيرها ونيل حريتها،فبعد أربعة أشهر من حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة،لاتزال أمريكا،التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان الزائفة،ترفض وقف إطلاق النار،ولاتزال تستخدم حق النقض الفيتو ضد أي قرار يدين إنتهاكات الكيان الصهيوني العدواني بحق الفلسطينيين،دون وازع أخلاقي ولا إحساس ولا خجل من الدول والشعوب الأخرى،التي تقف موقف المتابع والمتفرج لموقف أمريكا الراعي الرسمي لسياسات التقتيل والتشريد وحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة بدعم أمريكي وقح،حيث ان تزويد الصهاينة بالأسلحة والأموال،وضعها في خانة الشريك الرئيسي والراعي الرسمي لهذه الحرب الظالمة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية .
وها هي أمريكا اليوم تستبيح الأراضي العربية،وتنتهك سيادتها وتعتدي على إستقلالها،من خلال نشر قواعدها في عديد من الدول العربية ،غير عابئة بتاريخ هذه الدول وإستقلالها المعمد بالدماء وتضحيات رجالاتها الذين طردوا الإستعمار الأوروبي ،الذي إستغل خيرات المنطقة ،ومارس أقذر سياسات التجهيل بحق شعوبها،لتبقى دولاً ضعيفة، تابعة،رهينة لسياساتها الإستبدادية.
لقد كفلت المواثيق والإتفاقات الدولية حق المقاومة للشعوب الرازحة تحت الإحتلال، حيث أن المقاومة، بكافة أشكالها،تعبر عن حالة متقدمة من وعي الشعوب،وهي وسيلة الشعوب للدفاع عن حقوقها وكرامتها في مواجهة الاحتلال الغاصب لأراضيها،ويتعين دعم هذه الجهود بشتى الوسائل الممكنة لضمان تحقيق إستقلالها وتحريرها من القيود الظالمة.
ان الولايات المتحدة الأمريكية تدعم أنظمة الحكم الديكتاتورية، طالما كانت هذه الأنظمة تسير في الركب الأمريكي في سياسته التي يمارسها لتركيع الشعوب،في حين أنها ترفع شعارات الديموقراطية والحرية والعدالة،في وجه أية دولة تحاول أن تغرد خارج سرب حلف الناتو الإمبريالي الرامي لإضطهاد الدول،لتبقى هذه الدولة ضعيفة غير قادرة على الإنتاج والتصنيع وإنتاج الثقافة الخاصة بها،الكفيلة بنقلها إلى مصاف الدول القوية التي تمتلك إرادتها وسيادتها وقرارها المستقل القادر على معارضة سياسات الظلم والوحشية والإستبداد الأمريكية والإمبريالية الغربية.
لقد تجبرت أمريكا واستباحت الدول العربية والدول الأوروبية الشرقية والدول الآسيوية،وأنشأت ونشرت فيها قواعد ومطارات، لتكون القوة الضاربة في وجه الأصوات التي تعارض سياساتها وتتجرأ على قول ( لا )صارخة في وجهها،غير غافلة عن إشهار سلاح الإعلام وتوظيفه بخبث من أجل شيطنة الدول المعارضة لأمريكا،من خلال محاولة إستغلال الإختلافات المذهبية أو العرقية أو الطائفية،في محاولة يائسة ومكشوفة لبث التفرقة بين أبناء الأمة الواحدة .
ان الولايات المتحدة الأمريكية لا يعنيها إستقرار الشعوب ولا سلامها الداخلي،بالرغم من ان قرار الشعوب يعد أمرًا حيويًا لتحقيق التنمية المستدامة،كما أنها تعارض،وبكل ما أوتيت من قوة وخبث،إستلاب حق الشعوب والدول في إنتهاج خططها الإقتصادية والإجتماعية،لضمان أن تبقى هذه الدول ضعيفة غير مستقلة في قراراتها ،وتابعة لأمريكا في نهجها الإستبدادي وبلطجتها العالمية.
في ظل كل ما سبق،يجب على الشعوب والدول العربية بلورة حالة من التشارك،والخروج من بوتقة الهيمنة الأمريكية، لتحقيق المصالح المشتركة وإنتهاج التنسيق والتعاون فيما بينها ليكون لها دور فاعل وأساسي في تحقيق الإستقرار المحلي والإقليمي،وهذا لا يتأتى في ليلة وضحاها ،بل من خلال إنتهاج سياسة حكيمة متوازنة للإنعتاق من هذه التبعية ،برؤى فكرية وسياسية حكيمة،وبشكل متدرج، للبناء على تراكمات من الوعي المتقدم.
يتعين على الدول العربية الخروج من هذا السبات وحالة التبعية المطلقة للسياسات الأمريكية في المنطقة التي باتت تغلي على صفيح ساخن،منذرة بتوسع دائرة النزاعات وإبقاء حالة الهيمنة الأمركية والإمبريالية الغربية على مصالح الدول العربية ،وإستغلال وإضطهاد شعوبها،وهذا لايتحقق إلامن خلال بلورة حالة من الوعي الشعبي،بقيادة الرموز الوطنية والفكرية ،وإستنفار كل طاقات الحرية والإنعتاق والسعي نحو قيم الحرية والعدالة ،والإنكفاء عن حالة الرضوخ التي أفرزت واقعاً محلياً وإقليمياً عصيباً،وخلفت إنتكاسات إقتصادية وإجتماعية وفكرية،تحتاج إلى سنوات للوصول إلى حالة من التعافي.
ان الإقرار بحقوق الشعوب يعزز القيم الإنسانية ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي، من خلال التركيز على التسامح وتعزيز العدالة، حيث يمكننا بناء عالم يسوده السلام والتعاون المثمر والعادل بين الدول كافة،دون تغول أو اضطهاد أو هيمنة..